بسبب خيانة.. بلاد تدفع الثمن وتظل أسيرة الاحتلال 200 عام! – جريدة المشاهير
بمسرحيته التراجيدية الشهيرة “يوليوس قيصر”، خلّد المؤلف المسرحي الإنجليزي وليام شكسبير حادثة اغتيال يوليوس قيصر يوم 15 آذار/مارس عام 44 قبل الميلاد بكلمات “حتى أنت يا بروتوس” (?Et tu, Brute). وبالمسرحية، نطق قيصر بهذه الكلمات عندما تعرض لعملية اغتيال ومشاهدته لصديقه ماركوس جونيوس بروتوس (Marcus Junius Brutus) ضمن القتلة الذين وجّهوا له الطعنات.
بالسنوات التالية، تحولت هذه الكلمات لرمز من رموز الغدر والخيانة التي رسمت العديد من ملامح التاريخ وغيّرت مستقبل العديد من المعارك والحضارات. وإضافة لنابليون بونابرت الذي تعرض للخيانة من قبل حلفائه السكسونيين بمعركة لايبزيغ (Leipzig) لينهار حكمه وتسقط فرنسا بعد ذلك، يذكر التاريخ واقعة سقوط شبه القارة الهندية بقبضة الإنجليز. فبسبب انشقاق الجنرال مير جعفر (Mir Jafar)، وعدد من زملائه، تمكنت شركة الهند الشرقية البريطانية من وضع يدها على المنطقة بأكملها.
تفاوض مع الإنجليز
إلى ذلك، حلّ مير جعفر، المولود عام 1691، ببلاد الهند كمغامر ومكتشف. وهنالك، ارتقى الأخير بسلم المجتمع وحصل على أعلى المراتب بفضل والده بالتبني علي فردي خان (Ali Vardi Khan). وعام 1740، ساعد مير جعفر علي فردي خان على القيام بانقلاب انتهى بحصول الأخير على مقاليد الحكم.
بحلول العام 1756، استلم سراج الدولة، أحد أحفاد علي فردي خان، مقاليد الحكم بالمنطقة عقب حصوله على منصب نواب البنغال ومرشد آباد. وأملا في إزاحة سراج الدولة من سدة الحكم، لم يتردد مير جعفر في التعاون مع الإنجليز الذين كانت لهم أطماع توسعية واستعمارية بالمنطقة. وخلال الفترة التي استعدت فيها شركة الهند الشرقية البريطانية للتدخل والتوسع بشبه القارة الهندية، كان مير جعفر قائدا لجيش البنغال. وبشكل سري، تفاوض الأخير مع الإنجليز حول تسهيل دخولهم للمنطقة مقابل تعيينه نواب البنغال ومرشد آباد بدلا من سراج الدولة.
معركة وخيانة وتغيير بهرم السلطة
بمنطقة بلاسي (Plassey) بصوبة البنغال التي تشمل بنغلاديش الحديثة، واجه الإنجليز يوم 23 حزيران/يونيو 1757 قوات سراج الدولة. لهذه المعركة، حشدت شركة الهند الشرقية البريطانية حوالي 3 آلاف جندي بقيادة روبرت كليف (Robert Clive). وفي المقابل، امتلك سراج الدولة أكثر من 65 ألف مقاتل. وعلى الرغم من تخلفه العددي، كان كليف شبه متأكد من النصر بفضل التسليح الجيد لقواته والمعلومات التي تحدثت عن المؤامرة التي استعد مير جعفر لتنفيذها.
وفي خضم المعركة، انشق مير جعفر رفقة 15 ألفا من قوات الخيالة ونحو 35 ألفا من جنود المشاة. وبسبب هذا الانشقاق انهارت معنويات ما تبقى من قوات سراج الدولة التي سرعان ما تلقت هزيمة ساحقة. ومع تيقنه من هزيمة قواته، حاول سراج الدولة الفرار من ساحة القتال قبل أن يعتقل ويعدم فيما بعد مطلع تموز/يوليو 1757 من قبل عدد من المنشقين.
فتح قنوات اتصال مع الهولنديين
عقب حصوله على منصب نواب البنغال ومرشد آباد، اتجه مير جعفر لفتح قنوات اتصال مع الهولنديين الذين مثّلوا أعداء بريطانيا بالمنطقة. ومع فشله في جمع الأداءات لصالح الإنجليز، عزل مير جعفر من قبل شركة الهند الشرقية لصالح ابنه بالتبني مير قاسم.
إلى ذلك، اتجه الأخير لاعتماد سياسة معادية للوجود الإنجليزي بالمنطقة. وبسبب ذلك، عزل مير قاسم عام 1763 من قبل شركة الهند الشرقية التي فضّلت إعادة مير جعفر لسدة الحكم.
مهدت معركة بلاسي عام 1757 الطريق لشركة الهند الشرقية البريطانية للتوسع بالمنطقة. وبالفترة التالية، هيمن الإنجليز على شبه القارة الهندية لفترة قاربت القرنين وانتهت باستقلال الهند عام 1947.
المصدر : العربية